ذكرى وفاة ياسر عرفات

في مثل هذا اليوم الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2004، استشهد الرئيس الرمز ياسر عرفات “أبو عمار”…. صاحب الكوفية التي حرست القضية.

تاريخ الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، سيظل يشكل ذكرى أليمة تذكر برحيل قائد  خاض نضالاً تحررياً في سبيل قضيتنا الوطنية لعشرات الأعوام، وواجه من أجلها معارك عسكرية وسياسية لا حصر لها، حتى انتهت باستشهاده في العام 2004، بعد حصار وعدوان إسرائيلي دام أكثر من ثلاثة أعوام لمقره في مدينة رام الله.

رحل “أبو عمار” في ظل ظروف داخلية وخارجية صعبة لا زال يعاني منها شعبنا وقضيته التحررية، بفعل الاحتلال والعدوان والحصار الإسرائيلي المتواصل.. فقدنا عددا كبيرا من الشهداء، والجرحى، وهناك آلاف المناضلين يقبعون في سجون الاحتلال الاسرائيلي، بالإضافة الى استشراء للاستيطان الغير شرعي من قبل المستوطنين الاسرائيليين على أراضينا الفلسطينية المحتلة، وهدم لمنازل مواطنينا، وتقطيع لأوصال الوطن…

اننا نحيي اليوم ذكرى وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات للتذكير بسيرته الخالدة، سيرة الثائر العظيم الذي شارك في كل مراحل الثورة الفلسطينية. حياة الراحل لا يمكن حصرها في الكفاح المسلح فهو كان ايضا سياسيا محنكا وصاحب رؤية بصيرة يبعث على التفاؤل حتى في أحلك الظروف، عاش عرفات القضية الفلسطينية بهمومها وتقلباتها، بقي صامدا وعاش الحصار وعاش الدمار فهو الذي كان يقول في كل مرة “حتما سننتصر طال الزمن او قصر”.

لقد استفادت مختلف مراحل النضال الوطني منذ انطلاقة الثورة المعاصرة من حنكة القائد والرمز ياسر عرفات الواسعة وإرادته وصموده أمام كل التحديات، إذ إنه حوّل الكثير من الانتكاسات إلى انتصارات سجلها التاريخ وستذكرها الأجيال القادمة الى أمد بعيد.

للزعيم عرفات مكانة خاصة لدى الفلسطينيين بكل أطيافهم السياسية، فهو جزء أصيل من التاريخ الحديث الفلسطيني ومنارته، حيث باتت شخصيته رمزا لكل حر، وبات قائدا ومؤسسا للحركة الوطنية الفلسطينية والمدافع عنها بكل ما يمتلك من قوة، اختلف معه البعض لكنهم لم يختلفوا عليه، لما يمتلك من حنكة وعبقرية سياسية.

نقل الرئيس الراحل القضية الفلسطينية من قضية لاجئين إلى قضية تحرر وطنية، تمثل أعدل قضية تحرر في العصر الحديث، كما نقل القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية عام 1974 بخطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وقال آنذاك عبارته الشهيرة: “البندقية في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”.

وعاش عرفات لحظات صعبة من تاريخ القضية الفلسطينية، لكنه كان دوما ينظر للمستقبل ويعمل للمستقبل.

 بهذه المناسبة الاليمة يجدد شعبنا العهد على الاستمرار بناضلنا المشروع والعادل في وجه المحتل، كما يعبر عن تمسكه بالثوابت الوطنية الفلسطينية وحق العودة للاجئين الى اراضيهم التي شردوا منها وتحقيق الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام،  ويؤكد على أنه مهما طال الزمن وزادت الضغوطات والاتهامات الباطلة وتزييف الحقائق، فلن نتنازل عن أي حق من حقوقِنا المشروعة التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية، وسنواصل العمل إلى أنْ ينتهي الاحتلال الإسرائيلي لبلادنا، وتتجسد دولتنا ذات السيادة على حدودِ العام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

غاب الشهيد ياسر عرفات بجسده عن فلسطين، لكن إرثه النضالي ما زال راسخا لدى أبناء شعبنا وقيادته، كانت رغبته قبل وفاته ان يدفن في القدس، لكن بعد ان رفضت اسرائيل ذلك دُفن في مبنى المقاطعة برام الله مؤقتا لحين القضاء على الاحتلال.