منذ العصور القديمة، أصبحت فلسطين مركز الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والروحية. إن تاريخ فلسطين الأثري والغني يثير الدهشة ويدل على أن هذا البلد يتمتع بالتاريخ القديم. فقد تم العثور على عدد لا يحصى من المواقع الأثرية في جميع أنحاء فلسطين وتم اكتشاف مجموعة واسعة ومتنوعة من القطع الأثرية، بما في ذلك الأدوات القديمة، الفخاريات، المنحوتات، الفسيفساء، الرسومات، مساكن في الكهوف، أماكن الدفن، المعابد والأضرحة، القلاع، الحصون وحتى المدن الكاملة.

نظرًا لموقع فلسطين الجغرافي، الذي يقع على تقاطع أوروبا وإفريقيا وشبه الجزيرة العربية وآسيا، فقد أصبحت هذه الدولة مركزًا للتبادل الاجتماعي، الثقافي، الديني، الاقتصادي والتفاعل بين العديد من الحضارات. حيث أثرت فلسطين بالفعل على العديد من الثقافات الأخرى.

إن لفلسطين أهمية قصوى بالنسبة للديانات الرئيسية الثلاث في العالم، وهي المسيحية والإسلام واليهودية. فقد نشأت اليهودية في فلسطين في نهاية الألفية الثانية قبل الميلاد. ومن الواضح أن المسيحية بدأت في أراضيها مع ولادة المسيح في قرية بيت لحم الفلسطينية، كما اتسم نشوء الإسلام بظهور رسول الله محمد في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع الميلادي. وتم الفتح الإسلامي لفلسطين عام 636 الميلادي. ومنذ ذلك الوقت، ظلت فلسطين تحت الحكم الإسلامي، باستثناء فترات الغزو الصليبي الذي بدأ في أواخر القرن الحادي عشر واستمر حوالي قرنين.

 ولا يعد معظم العرب الفلسطينيين من نسل الذين اتو إلى هنا خلال فترة الفتح الإسلامي أو الحملات الصليبية، ولكن في الواقع تعود رابطة العرب بهذه الأراضي إلى الوقت الذي ظهرت فيه المستوطنات البشرية الأولى في فلسطين.

ومنذ ماضٍ قريب نسبيًا، تناولت معظم الروايات التاريخية الحديثة مقالات عن فلسطين من قبل العلماء الأوروبيون والأمريكيون المعاصرين. كانت دائرة اهتماماتهم العلمية ضيقة للغاية، وخاصة في القرن التاسع عشر،عندما ركزت أغلبية الأبحاث على محاولة إثبات الدقة التاريخية للكتاب المقدس (الانجيل). وقد أدى هذا التركيز على المقاييس الإنجيلية إلى تهميش جميع الأدلة التي تشير إلى عمق الحضارة الفلسطينية الأصيلة وتنوعها وثرائها، ولا سيما مساهمتها الفريدة في الهندسة المعمارية، الزراعة، الصناعة، الفنون والعديد من المجالات الأخرى. وهكذا شرع العلماء الغربيون في عملية متعمدة لتبرير طموحات الدول الإمبريالية الأوروبية الهادفة لاستخدام فلسطين كموطئ قدم للاقتراب من الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، حيث عززت المبادرات الصهيونية مثل هذه المصالح الإمبريالية.

 

فلسطين. معلومات عامة

لغرض فهم الوضع الحالي في فلسطين، من الضروري أن نعرف أيضًا الخلفية التاريخية لهذا الوضع، ونأمل بأن هذه النظرة السريعة والمختصرة على ماضي فلسطين ستساعدكم على إدراك الوضع الراهن بشكل أكثر وضوحا.

تقع فلسطين بين ثلاث قارات، وهي أفريقيا وآسيا وأوروبا، ولذلك احتلتها قوى دولية مختلفة على مرور الزمن. فقد انتهى الحكم العثماني الذي دام حوالي 400 عام في الحرب العالمية الأولى عندما تفككت الإمبراطورية العثمانية، حيث قامت القوى الأوروبية بتقسيم الشرق الأوسط إلى “مناطق نفوذ” خاصة بها. ووقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بقرار من عصبة الأمم.

بذور الصراع

قبل الحرب العالمية الأولى، قررت الحركة الصهيونية التي انبثقت كثقل موازن لمعاداة السامية الأوروبية، إنشاء دولتها اليهودية في فلسطين.

في عام 1917 قدمت بريطانيا العظمى لزعيم الصهيونية وعد بلفور ووعدت بالنظر بصورة إيجابية في قضية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وشجعت الهجرة اليهودية الجماعية إلى فلسطين عن طريق استبدال السكان الفلسطينيين الأصليين. وهكذا تم نشوب الصراع بين العرب الفلسطينيين والمستوطنين اليهود على الأراضي الفلسطينية.

في عام 1920، شكل العرب من مسلمين ومسيحيين 90٪ من عدد سكان فلسطين.

في بداية هجرة اليهود إلى فلسطين لم يدرك الشعب الفلسطيني نوايا الصهيونية الاستعمارية الهادفة إلى اقتلاعهم من وطنهم وإفساح المجال أمام اليهود ليحلوا مكانهم. لذلك تعامل الفلسطينيون مع الهجرة اليهودية بإنسانية ولم يفهموا بأن اللاجئون سيشكلون خطرا على وجودهم وهويتهم الوطنية.

وشيئا فشيئا، أدركت أغلبية السكان الفلسطينيين خطورة البرامج الاقتصادية والسياسية الصهيونية على تطلعاتهم الوطنية.

تقسيم فلسطين

مع تصاعد التوترات باشر العديد من الجهات الدولية الفاعلة بالنظر في خيارات تقسيم فلسطين. وفي 29 تشرين الثاني 1947، صوتت الأمم المتحدة لصالح قرار تقسيم فلسطين. وبغض النظر عن الحقيقة أن اليهود شكلوا ثلث مجموع السكان في فلسطين وامتلكوا 7٪ فقط من الأرضي، الا أنه تم منحهم أكثر من 55٪ من الأراضي الفلسطينية.

وردت دول الجوار على هذا التقسيم الجائر وحاولت أن تقاوم باستخدام الوسائل السياسية والعسكرية المختلفة. وعلى الرغم من ذلك وبدعم الانتداب البريطاني، تسنى للحركة الصهاينة ضمان أفضل مستوى من الاستعداد العسكري والسياسي تفوق ما لدى دول الجوار وخاصة الفلاحين الفلسطينيين.

شهد الصراع العربي الإسرائيلي خمس حروب كبرى في سنوات 1948 و1956 و1967 و1973 و1982 التي استشهد وتعرض للإصابات خلالها مئات الآلاف من الأشخاص.

تعرف الحرب العربية الإسرائيلية (1948-49) تحت العنوان “حرب النكبة”، وهو العنوان الذي أطلقه الفلسطينيون على عملية تهجيرهم وهدم معظم الخصائص السياسية والاقتصادية والثقافية لمجتمعهم في عام 1948. وهو العام الذي طرد فيه أبناء الشعب الفلسطيني من ديارهم وأرضهم وفقدوا وطنهم لصالح إقامة دولة إسرائيل. كما تشمل أحداث النكبة احتلال الحركة الصهيونية لمعظم أراضي فلسطين، طرد أكثر من 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين. وتضمنت هذه الفترة عشرات المجازر والأعمال الوحشية والفظيعة وعمليات السلب والنهب بحق الفلسطينيين، هدم أكثر من 500 قرية، تدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، طرد معظم القبائل البدوية التي عاشت في منطقة النقب الصحراوية، محاولة سحق الهوية الفلسطينية، محو الأسماء الجغرافية العربية واستبدالها بأسماء عبرية وإتلاف الطبيعة العربية الأصلية لفلسطين.

في عام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان وشبه جزية سيناء، أضطر أكثر من 350 ألفً ساكن أصلي على مغادرة الضفة الغربية. أكثر من نصفهم أصبحوا لاجئين للمرة الثانية.

في الوقت الحاضر، بعد أكثر من 72 عامًا على إنشاء دولة إسرائيل، ازداد عدد أبناء الشعب الفلسطيني من 1.4 مليون إلى أكثر من 12 مليونًا، ولا يزال أكثر من 750.000 يسكنون في مخيمات اللاجئين، حيث تبذل الأمم المتحدة قصارى جهودها لضمان توفير التغذية، مرافق السكن، الملابس، إمكانية التعليم ومواد الرعاية الطبية في الظروف السلبية القاسية. علاوة على ذلك، يعيش أكثر من 6 ملايين شخص في الشتات.

دولة فلسطين

في 29 تشرين الثاني 2012، اعتمدت الجمعية العامة القرار المرقم 67/19 تحت عنوان “صفة فلسطين في الأمم المتحدة” بأغلبية 138 صوتًا مقابل 9 أصوات ضد و41 ممتنعا عن التصويت. حصلت  فلسطين على أساس هذا القرار صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وهي المرة الأولى التي اعترفت بها الجمعية العامة بفلسطين كدولة. وظلت حقوق وامتيازات فلسطين في عمل الأمم المتحدة على حالها كما تم تحديدها بالقرار المرقم 52/250، الذي أعطى فلسطين أقصى الحقوق دون استحصال صفة العضو الكامل في الأمم المتحدة.

في 12 كانون الأول 2012، أرسلت بعثة المراقبة الدائمة لفلسطين رسالة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة أشارت فيها إلى القرار المرقم 67/19 وطلبت إدخال التعديلات على تسمية فلسطين في جميع وثائق الأمم المتحدة بما في ذلك “الكتاب الأزرق” وتغييرها إلى “دولة فلسطين” وتحديد أن السيد محمود عباس هو رئيس دولة فلسطين، وفي 17 كانون الأول 2012، ردت الأمانة العامة على البعثة وأكدت جميع التغييرات. وفي الوقت الحالي تدرج فلسطين في الفئة الثانية بعد الكرسي الرسولي، على أنها “دولة غير عضو تتلقى دعوة دائمة للمشاركة كمراقب في دورات وعمل الجمعية العامة والإبقاء على بعثة المراقبة الدائمة في المقر الرئيسي”.

علاقات دبلوماسية

تحظى دولة فلسطين في الوقت الحاضر باعتراف ثنائي من قبل 139 دولة. اعترفت العديد من الدول بدولة فلسطين بعد إعلان الاستقلال من قبل المجلس الوطني الفلسطيني في 15 تشرين الثاني 1988 في الجزائر. كما تم الاعتراف بها من جانب دول أخرى في الفترة الأخيرة بعد بذل قصارى الجهود الدبلوماسية الثنائية ومتعددة الأطراف.

لقد تطور وضع فلسطين في الأمم المتحدة بصورة ملحوظة خلال نصف القرن الماضي. حيث بدأت منظمة التحرير الفلسطينية طريقها في الأمم المتحدة كبعثة وتلعب حالياً دور دولة مراقب. ولا تزال فلسطين ملتزمة بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لتحظى بمكانها الطبيعي في المجتمع الدولي بين الأمم.

 

لغرض الحصول على مزيد من المعلومات عن القضية الفلسطينية، يرجى الاطلاع على تقرير (An Eye on Palestine) الذي تم إعداده من قبل دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية